قصة اكتشاف العلاج المعجزة - الانسولين


في عام ١٩٢٢، وتحديداً في جامعة تورونتو في كندا 🇨🇦، كان هناك العديد من الأطفال من مرضى السكري، بعضهم يحتضر والبعض الآخر مغمى عليه بسبب حالة الحماض الكيتوني السكري ( DKA ).‏


قام الأطباء بأخذ هؤلاء الأطفال إلى جناح خاص بهم. ولك أن تتخيل، الجناح بأكمله مليء بالأطفال، منتظرين أن يُرفق بهم الموت ويُذهب عنهم معاناتهم.‏عند كل سرير، هناك الآباء والأمهات ينتظرون مصير ابنهم المجهول، وفي هذه الأثناء قام الأطباء بالتنقل من سرير إلى سرير وهم يقومون بحقن الإنسولين في الأطفال واحداً تلو الآخر.
‏وما إن وصلوا إلى الطفل الأخير النائم في غيبوبته، وإذا بالأطفال يستيقظون واحداً تلو الآخر، جميع الأطفال استيقظوا من غيبوبتهم. وجناح الموت والكئابة تحول إلى جناح الحياة والأمل. 

الصورة لطفلة مصابة بالسكري، و يظهر تاثير الانسولين على صحتها.



‏أحد هؤلاء الأطباء هو فريدريك بانتينق وهو الفائز بجائزة نوبل للطب عام ١٩٢٣ بسبب اكتشافه الإنسولين العظيم الذي على أثره ساعد على تخفيف معاناة مرضى السكري.


قصة اكتشاف الانسولين:

بدأت قصة هذا الاكتشاف عام ١٩٢٠، بعدما عاد الدكتور الجراح فريدريك بانتنج (Frederick Grant Banting) من إحدى جبهات الحرب العالمية الأولى. كان عمره آنذاك ٢٩ عاماً، وأسس عيادة للجراحة العامة في مدينة لندن الكندية مسقط رأسه. وكان دخل عيادته ضعيفاً، بل يكاد يكون معدوماً، ولكي يحسّن من دخله، قرر أن يعطي بعض المحاضرات في الجامعة. لعل من حسن حظه أن إحدى هذه المحاضرات كانت عن استقلاب الأطعمة النشوية بعد أكلها، فاضطره هذا الموضوع إلى اللجوء إلى المراجع المتوفرة حول موضوع المواد النشوية وخاصة الجلوكوز واحتمال أن يكون للبنكرياس دوراً في تحويلها واستقلابها، ففكر في أن يكمل أبحاث من سبقوه من العلماء في هذا المجال. 

استحوذ موضوع الجلوكوز على تفكيره ليلاً نهاراً، وقال لنفسه إن دخل العيادة لا يغطي نفقاتها، وبدون تردد أغلق عيادته و توجه إلى جامعة تورونتو في كندا، وقابل رئيس قسم وظائف الأعضاء (الفيزيولوجيا) البروفيسور جي جي ماكليود (J. J. Macleod) ليعرض عليه أفكاره، وطلب منه أن يعمل تحت إشرافه لعمل تجارب حول دور البنكرياس في استقلاب الأطعمة النشوية إلى سكريات.

كانت الفكرة التي تدور في ذهنه أن هناك مادة مجهولة يصنعها البنكرياس هي المسؤولة عن استقلاب المواد النشوية، هذه المادة المجهولة التي لم يستطع أحد اكتشافها إلى ذلك الحين. يقال ان البروفيسور ماكليود تردد كثيرا قبل أن يوافق على بداية تجاربه، ولكنه وافق على ذلك تحت إلحاح وحماس الدكتور بانتنج. 

كان ذلك في بداية العطلة الصيفية للجامعة، فالمختبرات ليست كلها مشغولة. قرر البروفيسور ماكليود أن يسمح له بإجراء تجاربه في مختبر صغير مهجور، وعين له مساعداً من طلبة الماجستير هو شارلز بست.

المشاركات الشائعة