الأطفال يرثون ذكاءهم من أمهاتهم وليس من آبائهم
يقول العلماء إن الأطفال يرثون ذكاءهم من أمهاتهم وليس من آبائهم و يتم نقل جينات الذكاء على الكروموسوم X وقد يتم إبطال مفعولها إذا جاءت من الأب.
بقلم : شارلوت انجلاند - مجلة Independent
ترجمة: لؤي الشوامرة
يقول باحثون إن جينات الأم هي التي تحدد مدى ذكاء أطفالها ، أما الأب فلا يشكل أي فرق. و من المرجح أن تنقل النساء جينات الذكاء إلى أطفالهن لأنها محمولة على الكروموسوم X، والنساء لديهن اثنان من هذه الجينات، في حين أن الرجال لديهم واحد فقط.
لكن بالإضافة إلى ذلك، يعتقد العلماء الآن أن الجينات المسؤولة عن الوظائف الإدراكية المتقدمة والتي يتم توريثها من الأب قد يتم تعطيلها تلقائيا. يُعتقد أن فئة من الجينات تُعرف باسم "الجينات المشروطة conditioned genes" لا تعمل إلا إذا جاءت من الأم في بعض الحالات ومن الأب في حالات أخرى. ويُعتقد أن الذكاء من بين الجينات المشروطة التي يجب أن تأتي من الأم.
وقد توصلت الدراسات المعملية التي أجريت على الفئران المعدلة وراثيا إلى أن الفئران التي حصلت على جرعة إضافية من الجينات الأمومية نمت رؤوسها وأدمغتها بشكل أكبر، ولكنها كانت أصغر حجما. أما الفئران التي حصلت على جرعة إضافية من الجينات الأبوية فقد نمت أدمغتها بشكل أصغر وأجسامها أكبر حجما. و قد تمكن الباحثون من تحديد الخلايا التي تحتوي فقط على جينات أمومية أو أبوية في ستة أجزاء مختلفة من أدمغة الفئران والتي تتحكم في وظائف معرفية مختلفة، من عادات الأكل إلى الذاكرة.
و تتراكم الخلايا التي تحمل جينات الأب في أجزاء من الجهاز الحوفي Limbic system، الذي يشارك في وظائف مثل الجنس و الطعام و العدوانية. لكن الباحثين لم يجدوا أي خلايا أبوية في القشرة المخية، حيث تحدث الوظائف الإدراكية الأكثر تقدماً، مثل التفكير و الاستدلال و اللغة و التخطيط.
وبسبب مخاوفهم من أن البشر قد لا يكونون مثل الفئران، اتخذ الباحثون في جلاسكو نهجاً أكثر إنسانية لاستكشاف الذكاء. و وجدوا أن النظريات التي تم استخلاصها من الدراسات التي أجريت على الفئران تتفق مع الواقع عندما أجروا مقابلات مع 12686 شاباً تتراوح أعمارهم بين 14 و22 عاماً كل عام منذ عام 1994. وعلى الرغم من أخذ عدة عوامل في الاعتبار، من تعليم المشاركين إلى عرقهم ومكانتهم الاجتماعية والاقتصادية، إلا أن الفريق وجد أن أفضل مؤشر للذكاء هو معدل ذكاء الأم.
ومع ذلك، فإن الأبحاث تؤكد أيضاً أن العوامل الوراثية ليست العامل الوحيد الذي يحدد الذكاء، إذ يقدر أن 40 إلى 60% فقط من الذكاء وراثي، في حين أن جزءاً مماثلاً يعتمد على البيئة. و لكن وجد أيضا أن الأمهات يلعبن دورا مهما للغاية في هذا الجزء غير الوراثي من الذكاء، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن الرابطة الآمنة بين الأم والطفل مرتبطة ارتباطا وثيقا بالذكاء.
وجد باحثون في جامعة واشنطن أن الرابطة العاطفية الآمنة بين الأم والطفل ضرورية لنمو بعض أجزاء الدماغ. بعد تحليل الطريقة التي تتعامل بها مجموعة من الأمهات مع أطفالهن لمدة سبع سنوات، وجد الباحثون أن الأطفال الذين حصلوا على الدعم العاطفي وتم تلبية احتياجاتهم الفكرية كان لديهم حُصين أكبر بنسبة 10% في سن 13 في المتوسط من الأطفال الذين كانت أمهاتهم بعيدات عاطفياً. الحُصين هو منطقة من الدماغ مرتبطة بالذاكرة والتعلم والاستجابة للتوتر.
يُعتقد أن الارتباط القوي بالأم يمنح الطفل شعورا بالأمان يسمح له باستكشاف العالم والثقة في حل المشكلات. بالإضافة إلى ذلك، تميل الأمهات المخلصات والمنتبهات إلى مساعدة الأطفال في حل المشكلات، مما يساعدهم أيضًا على تحقيق إمكاناتهم.
بالطبع، لا يوجد سبب يمنع الآباء من لعب دور كبير في تربية الأبناء مثل الأمهات. ويشير الباحثون إلى أن مجموعة كاملة من السمات الأخرى التي تحددها الجينات ــ مثل الحدس و العواطف و التي يمكن أن ترث من الأب تشكل أيضاً مفتاحاً لإطلاق العنان للذكاء المحتمل، لذا لا ينبغي للآباء أن ييأسوا.
المصادر:
المقال الاصلي باللغة الإنجليزية ، The Independent