جينيفر داودنا - من الفشل في الكيمياء الى نوبل

 هل تتصور أن واحدة من أبرز علماء الكيمياء في القرن الحادي والعشرين، والتي ارتبط اسمها باختراع غيّر مستقبل الطب، كانت في يوم من الأيام تُعَدّ فاشلة في مادة الكيمياء؟!  

إننا نتحدث عن جينيفر داودنا، الحاصلة على جائزة نوبل في الكيمياء عام 2020.  



بدأ قصتها في ثمانينيات القرن الماضي، حين التحقت بجامعة بومونا في كاليفورنيا. وفي أول فصل دراسي لها، حصلت على درجة متدنية في مقرر الكيمياء العامة، حتى أنها شعرت أن العلوم ليست المجال المناسب لها، وبدأت تفكر في تغيير تخصصها. كانت تميل إلى دراسة اللغة الفرنسية، فذهبت إلى أستاذة القسم لتستشيرها، متوقعة أن تشجعها على ترك الكيمياء. لكن المفاجأة أن الأستاذة نصحتها بأن تمنح نفسها فرصة أخرى قبل أن تغيّر مسارها الأكاديمي كلياً.  

وبالفعل، لم تهرب داودنا من التحدي، بل قررت أن تواصل طريقها. ومع تشجيع أساتذة الكيمياء في بومونا، اجتهدت حتى حصلت على درجة البكالوريوس عام 1985. ثم قُبلت لدراسة الدكتوراه في جامعة هارفارد تحت إشراف العالم جاك شوستاك، الذي نال لاحقاً جائزة نوبل في الطب عام 2009.  

وفي عام 2020، نالت هي نفسها جائزة نوبل في الكيمياء مع زميلتها إيمانويل شاربنتييه، تقديراً لدورهما في تطوير تقنية كريسبر، وهي أداة ثورية لتعديل الجينات داخل الخلايا الحية. 

لتبسيط الفكرة: إذا اعتبرنا الحمض النووي (DNA) كتاباً يحوي تعليمات بناء الإنسان من لون العينين إلى وظائف الجسم، فإن هذه الأداة تتيح للعلماء إزالة الجينات المعيبة أو إصلاحها أو استبدالها بجينات سليمة. وقد فتحت التقنية آفاقاً واسعة لعلاج الأمراض الوراثية، وتصميم علاجات جديدة للسرطان، وتحسين المحاصيل الزراعية.  

واليوم يُعدّ اسم جينيفر داودنا، أستاذة الكيمياء في جامعة كاليفورنيا – بيركلي، من بين أبرز العلماء في القرن الحادي والعشرين.  فلو أنها استسلمت منذ البداية وتخلّت عن الكيمياء، لما وصلت إلى هذه المكانة. نحن نتحدث عن طالبة لم تستطع النجاح في الكيمياء العامة، ثم أصبحت باحثة غيّرت مستقبل الطب والعلاج الجيني.  

وهذا هو جوهر القصة: البدايات دائماً صعبة، وإذا شعرت يوماً أنك لست مؤهلاً لمجالك، فتذكّر أن حتى الحاصلين على نوبل مرّوا بلحظات شكّ في قدرتهم على دراسة العلوم. الفارق الحقيقي هو بين من يواصل الطريق ومن ينسحب. ولأن حياتها ملهمة، كتب عنها المؤرخ الشهير والتر آيزاكسون كتابه المعروف بعنوان The Code Breaker.  

تعليقات